للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأويل آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد، بل اتفقت كلمتهم وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها، مع فهم معانيها وإثبات حقائقها. وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم؛ لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، وإثباتها من لوازم التوحيد، فبينها الله ورسوله بيانا شافيًا لا يقع فيه لبس ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعة ولا اشتباه.

ومن شرح الله لها صدره ونور لها قلبه يعلم أن دلالتها على معانيها أظهر من دلالة كثير من آيات الأحكام على معانيها. ولهذا آيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس، وأما آيات الأسماء والصفات فيشترك في فهمها الخاص والعام، أعني: فهم أصل المعنى لا فهم الكنه والكيفية. ولهذا أشكل على بعض الصحابة قوله: ﴿يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾ حتى بين لهم بقوله: ﴿من الفجر﴾ [البقرة: ١٨٦] ولم يشكل عليه ولا على غيره قوله: ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾ [البقرة: ١٨٥] وأمثالها من آيات الصفات، وأشكل على عمر بن الخطاب آية الكلالة، ولم يشكل عليه أول الحديد وآخر الحشر وأول سورة طه، ونحوها من آيات الصفات" (١).

[المطلب السابع: آيات التوحيد يستحيل دخول النسخ عليها.]

• قال أبو بكر بن أبي طالب القيسي (ت: ٤٣٧ هـ) : "فلا يجوز أن يدخل أخبار الله تعالى النسخ أو التبديل، بل هي محكمة ثابتة؛


(١) كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>