[المطلب الثاني: التوحيد أصل الدين وأول ما دعت إليه الرسل.]
• قال رسول الله-ﷺ-لمعاذ بن جبل (ت: ١٨ هـ)﵁: «إنك تقدم على قومٍ من أهل الكتاب، فليكن أوَّل ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا الله - تعالى .. »(١).
• قال ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ)﵀: "قوله: «ستأتي قومًا أهل كتاب» هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها؛ لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجُهَّال من عَبَدَة الأوثان، وليس فيه أن جميع مَنْ يقدم عليهم من أهل الكتاب، بل يجوز أن يكون فيهم من غيرهم، وإنما خصَّهم بالذكر تفضيلاً لهم على غيرهم، قوله:«فإذا جئتهم» قيل: عبر بلفظ (إذا) تفاؤلاً بحصول الوصول إليهم، قوله:«فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله»، كذا للأكثر وقد تقدَّم في أوَّل الزكاة بلفظ:«وأنِّى رسول الله»، كذا في رواية زكريا بن إسحاق لم يختلف عليه فيها، وأمَّا إسماعيل بن أمية ففي رواية روح بن القاسم عنه:«فأوَّل ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله … »، وفي رواية الفضل بن العلاء عنه:«إلى أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك … »، ويجمع بينها بأن المراد بعبادة الله توحيده، وبتوحيده الشهادة له بذلك ولنبيه بالرسالة، ووقعت البداءة بهما؛ لأنهما أصل الدين الذي لا يصحُّ شيءٌ غيرهما إلا بهما، فمَن كان منهم غير موحِّد فالمطالبة متوجِّهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومَن
(١) رواه البخاري: (٧٣٧٢/ كتاب التوحيد/ باب: ما جاء في دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد الله).