القلوب الطيبة فتصلح للمجاورة من أول الأمر: ﴿سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾ [الرعد: الآية: ٢٤]، ﴿سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين﴾ [الزمر: الآية: ٧٣]، ﴿الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون﴾ [النحل: الآية: ٣٢]. من لم يحرق اليوم قلبه بنار الأسف على ما سلف، أو بنار الشوق إلى لقاء الحبيب، فنار جهنم له أشد حرا. ما يحتاج إلى التطهير بنار جهنم إلا من لم يكمل تحقيق التوحيد والقيام بحقوقه" (١).
[المطلب الثاني والسبعون: بحسب تحقيق التوحيد تكمل طاعة الله.]
• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀: "والناس وإن كانوا يقولون بألسنتهم: لا إله إلا الله فقول العبد لها مخلصا من قلبه له حقيقة أخرى، وبحسب تحقيق التوحيد تكمل طاعة الله. قال تعالى: ﴿أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا﴾ [الفرقان: الآية: ٤٣]، ﴿أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا﴾ [الفرقان: الآية: ٤٤]، فمن جعل ما يألهه هو ما يهواه فقد اتخذ إلهه هواه أي جعل معبوده هو ما يهواه وهذا حال المشركين الذين يعبد أحدهم ما يستحسنه فهم يتخذون أندادا من دون الله يحبونهم كحب الله ولهذا قال الخليل: ﴿لا أحب الآفلين﴾ [الأنعام: الآية: ٧٦]. فإن قومه لم يكونوا منكرين للصانع ولكن كان أحدهم يعبد ما يستحسنه ويظنه نافعا له كالشمس والقمر والكواكب والخليل بين أن الآفل يغيب عن عابده
(١) كتاب شرح كلمة الإخلاص للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك ص ٩٧.