فيقال له: ما أنت وهذا لا كثَّر اللَّهُ في أهل العلم من أمثالك؟! ومن أنت حتى تَجعلَ لنفسك ما جَعَله اللَّهُ لنفسه، فلو كان هذا الأمرُ الفظيعُ سائغًا لأحدٍ من عباد اللَّه، لكان لهم أن يَشرَعوا كما شرع، ويَنسخوا من أحكام الدين ما شاؤوا كما نَسَخ، ثم أيُّ جامعٍ بين هذه وبين ما شَرعه اللَّهُ من ذلك؟! فإنه مجردُ خروجٍ من مأثَم، وتحلُّلٍ من يمينٍ قد شَرع اللَّهُ تعالى فيها إتيانَ الذي هو خَير كما تواترت بذلك الأحاديثُ الصحيحة؛ حتى ثبت في «الصحيح» أن رسول اللَّه ﷺ حَلف على ذلك، فقال:«واللَّهِ لا أَحلِفُ على شيءٍ، فأرَى غيرَه خيرًا منه، إلَّا أَتيتُ الذي هو خيرٌ، وكَفَّرتُ عن يَميني»(١).
فأين هذا مما يَصنَعُه أُسراءُ التقليد من الكذب على اللَّهِ تعالى، وعلى شريعتِه، وعلى عباده؟!.
أما الكذبُ على اللَّه: فلِكونِهم زَعموا عليه أنه أَذِنَ لهم وسوَّغه لهم، وهو كذبٌ بحتٌ وزُورٌ محض، وإن كانوا لا يعتقدون ذلك؛ بل جَعلوه مِنْ عند أنفسهم جُرأةً وعنادًا ومكرًا وخداعًا؛ فالأمرُ أشد، والقضيةُ أعظم.
وأما كذبُهم على الشريعة: فلِكونِهم جعلوا ما نَصَبوه من الحِيل الملعونةِ والذرائعِ الشيطانية والوسائلِ الطاغوتية: مِنْ جُملة الشريعة ومِن مسائلها،
(١) صحيح: رواه أحمد (٤/ ٣٩٨)، والبخاري (٣١٣٣) و (٦٧١٨)، ومسلم (١٦٤٩)، وأبو داود (٣٢٧٦)، وابن ماجه (٢٠١٧).