للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى العلم على كل تقدير كما أشرنا إليه سابقًا، مع إنزال بعض ما فيه إهانةٌ لهم بهم، ومَسِّهم بسَوطِ إذلال؛ ليكون في ذلك إعزازٌ للدين، ورفعٌ لمَناره، وغسلٌ لما قد لوَّثوا به أهلَه من القَذَر الذي يُلقُونه عليهم، وينجِّسونَهم به.

واللَّهُ المرجوُّ، فعنده الخيرُ كله، وهو أَغْيرُ على دينه، وهو أكرمُ عليه من أن يُهانَ أو يُضامَ (١) أهلُه.

وفيهم أفرادٌ قليلون يَصلُحُون بتعلُّم العلم، ويتشبَّهون بأهله، ويَجرُون على نَمَطِ مَنْ يتعلَّمون منه، ويأخذون عنه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ولكن ما أقلَّ مَنْ يكون هكذا منهم!.

[الصِّفاتُ الْمؤهِّلةُ لتلقِّي العِلم]:

فإن قلت: وما هذه الأهليةُ التي يكون صاحبُها مَحِلًّا لوضع العلم فيه وتعليمِه إياه؟.

قلت: هي شرفُ المَحتِد (٢)، وكَرَمُ النِّجَار (٣)، وظهورُ الحسَب، أو كونُ في سَلفِ الطالب مَنْ له تعلُّقٌ بالعلم والصلاح ومعالِم الدين، أو بمعالي الأمور، ورَفيعِ الرُّتب.

وقد أشار إلى هذا النبيُّ في الحديث الثابت عنه في «الصحيح»؛ فقال: «الناسُ معادنُ كمعادِنِ الذهبِ والفضة، خِيارُهم في الجاهلية خِيارُهم في الإسلام إذا فَقِهوا» (٤).


(١) يُضام: يُذل.
(٢) المَحتِد: الأصل.
(٣) النِّجَار: الحَسَب.
(٤) صحيح: رواه أحمد (٢/ ٢٥٧)، والبخاري (٣٣٥٣)، ومسلم (٢٥٢٦)، وابن حبان (٩٢)؛ من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>