ما قال، فإنْ وَجد نفسَه تُنازعُه إلى الدخول في قول الأكثرين، والخروج عن قول الأقلِّين، أو إلى متابعةِ مَنْ له جلالةُ قَدْر ونَبالةُ ذِكر وسَعةُ علم، لا لأمر سوى ذلك، فلْيَعلم أنه قد بقي فيه عِرقٌ من عروق العصبية، وشُعبةٌ من شُعب التقليد، وأنه لم يوفِّ الاجتهادَ حقه.
وبالجملة: فالمجتهدُ على التحقيق: هو مَنْ يأخذُ الأدلةَ الشرعيةَ من مَوطنها على الوجه الذي قدَّمناه، ويَفرضُ نفسَه موجودًا في زمن النبوة، وعند نزول الوحي وإن كان في آخِر الزمان، وكأنه لم يَسبِقْه عالِمٌ ولا تَقَدَّمَه مجتهد؛ فإن الخطاباتِ الشرعيةَ تتناولُه كما تناولتِ الصحابةَ من غير فَرقٍ، وحينئذٍ يَهونُ الخَطبُ، وتذهبُ الرَّوعةُ التي نزلت بقلبه من الجمهور، وتزولُ الهيبةُ التي تُداخلُ قلوب المقصِّرين.
• [أهَميةُ الاطِّلاعِ على الأدبيَّات النافعة -نظمًا ونثرًا-]:
ومما يزيدُ مَنْ أراد هذه الطبقةَ العليةَ علوًّا، ويُفيدُه قوةَ إدراك، وصحةَ فهم، وسَيَلان ذهن: الاطلاعُ على أشعار فُحولِ الشعراءِ ومُجِيديهم