وأما الطبقة الرابعة: الذين يَقصِدون الوصولَ إلى علمٍ من العلوم، أو عِلمين، أو أكثر، لغرضٍ من الأغراض الدينيةِ أو الدنيوية، مِنْ دون تصوُّرِ الوصول إلى علم الشرع، كما يفعلُه من يريدُ أن يكون مُدرِكًا لصناعةٍ من الصناعات التي لها تعلُّقٌ بالعلم، وذلك كمن يريد أن يكون شاعرًا أو مُنشِئًا أو حاسبًا؛ فإنه ينبغي له أن يتعلمَ ما يتوصَّلُ به إلى ذلك المطلب.
• [من أراد الشِّعر]:
فمن أراد أن يكون شاعرًا، تعلَّم من علم النحو والمعاني والبيان ما يَفهمُ به مقاصدَ أهلِ هذه العلوم، ويَستكثرُ من الاطلاع على علم البديعِ والإحاطةِ بأنواعه، والبحثِ عن نُكَتِه وأسراره، وعِلم العَروض والقوافي، ويُمارسُ أشعار العرب، ويحفظُ ما يمكنُه حفظُه منها، ثم أشعارِ أهل الطبقة الأولى من أهل الإسلام؛ كجَرير والفرزدق وطبقتهما. ثم أشعار مثل: بشار بن بُرد، وأبى نُوَاس، ومسلم بن الوليد، وأعيانِ مَنْ جاء بعدهم: كأبي تمام، والبُحتري، والمتنبي، ثم أشعار المشهورين بالجَودة من أهل العصور المتأخرة.
ويستعينُ على فهم ما استَصعب عليه بكتب اللغة، ويُكِبُّ على الكتب المشتملةِ على تراجم أهل الأدب؛ «كيتيمة الدهر» وذيولها، و «قلائد العِقيان»، وما هو على نمطه من مؤلفات أهل الأدب؛ ك «الريحانة» و «النفحة».
• [من أراد الإنشاء]:
وكما يَحتاج إلى ما ذكرناه من أراد أن يكونَ شاعرًا، فهو يحتاجُ إليه