وبعد الانتهاء من هذا الفصل أشار ﵀ إلى أهم الأسباب الماحقة لبركة العلم والانتفاع به، وقد رأى ﵀ أن أهمَّها سببان:
الأول: انتشارُ المذاهب والأقوال التي لا تعتمدُ على دليلٍ شرعي، بل قد تخالفُ الأدلةَ الشرعية تمامًا؛ أو تتعلق منها بطرفٍ ضعيف.
الثاني: تقديس الأموات واعتقاد العصمة بهم.
هذه هي الخطوطُ العامةُ لهذا الكتاب النفيس، وقد تضمَّنَتْ في ثناياها من المباحث والتنبيهات والفوائد النفيسة ما هو جديرٌ بالمدارسة والتأمُّل.
ولكن هناك أمرٌ عام يلحظُه المتعايشُ مع الكتاب في جَميع أبحاثه، وهو تلك المرارةُ والألم الذي يعتصرُ المصنِّفَ ﵀ من جرَّاء فسادِ الأحوال وانقلاب الموازين التي لاحظَها في بلاده وغيرها، وهكذا ينبغي أن يكون العالِمُ المخلص لدينه وأمَّته؛ لابد أن يُحزنَه الواقعُ المُر، ويؤلِمَه التفلُّتُ من أوامر الشريعة المطهرة، وفشوُّ الفتن بين أتباع خير أمةٍ أخرجت للناس، وهذا مِنْ دلائل الصدق والإخلاص كما هو الظنُّ بالإمام ﵀؛ نحسبه كذلك ولا نزكِّيه على العليم بالخبايا ﷻ.
ولذلك أحسَبُ واللَّهُ أعلى وأعلم أن هذا الكتابَ لقي من القبول والمحبةِ لدى أهل العلم ما لم يَلقَه كثيرٌ من الكتب الأخرى، ويكفيك أنك تشعُرُ فيه بالحياة والنبض وكأنك تسمعُه من كاتبه الجليل جزاهُ اللَّهُ عن أمته خيرَ الجزاء وأوفاه.
• عملي في الكتاب:
يتلخَّصُ عملي المتواضعُ في هذا الكتابِ النفيس في النقاط التالية:
١ - قراءةُ الكتاب غيرَ مرةٍ قراءةً متأنيةً؛ لمعرفةِ الخطوطِ الرئيسة التي