التجبُّر، وسَفكِ الدماء، وهَتْكِ الحُرُم، والتجرؤِ على اللَّهِ وعلى عبادِه، وتعدِّي حدوده!! فما أحقَّه بألَّا يَخفَى على مَنْ هو ألينُ منه قلبًا وأقلُّ منه ظُلمًا، وأخفُّ منه تجبُّرًا، وأقربُ منه خيرًا، وأبعدُ منه من شرًّا!.
وإنَّ مَنْ تَصوَّرَ هذا الأمرَ حقَّ التصور، وتعقَّلَه كما ينبغي، انتفع به انتفاعًا عظيمًا، ونال به منَ الفوائد جسيمًا، والهدايةُ بيد الهادي ﷻ، وتقدَّست أسماؤه.
• [أثرُ النيَّةِ الصالحةِ في بلوغ الْمَعالي]:
وإنَّ لحُسنِ النية، وإخلاصِ العمل تأثيرًا عظيمًا في هذا المعنى، فمن تعكَّست عليه بعضُ أموره من طلبةِ العلم، أو أكدَتْ عليه مطالبُه، وتضايقت مقاصدُه، فلْيَعلم أنه بذنبِه أُصيب، وبعدم إخلاصه عُوقب، أو أنه أُصيب بشيءٍ من ذلك محنةً له وابتلاءً واختبارًا؛ ليَنظُرَ [ربُّه] كيف صبرُه واحتماله، ثم يُفيض عليه بعد ذلك مِنْ خزائن الخير ومخازن العطايا ما لم يكن بحسبان، ولا يَبلغُ إليه تصوُّره؛ فلْيَعضَّ على العلم بناجِذه، ويشُدَّ عليه يدَه، ويشرحْ به صدرَه؛ فإنه لا محالةَ واصلٌ إلى المنزل الذي ذكرنا، نائلٌ للمرتبة التي بيَّنَّا.
• وما أحسَنَ ما حكاه بعضُ أهل العلم عن الحكيم «أفلاطون»! فإنه قال: «الفضائل مُرَّةُ الأوائل، حُلوةُ العواقب، والرذائلُ حلوةُ الأوائل، مُرَّةُ العواقب».
وقد صَدق؛ فإنَّ مَنْ شَغل أوائلَ عمره وعنفوانَ شبابه بطلب الفضائل، لابد له أن يَفطِمَ نفسه عن بعض شهواتِها، ويَحبِسَها عن الأمور التي يَشتغل بها أترابُه (١) ومعارفُه من الملاهي، ومجالس الراحة، وشهوات الشباب،