وهذا هو اللقبُ الذي يتنافسُ فيه المتنافِسون، فإن نِسبةَ الرجل إلى السُّنة تنادي أبلغَ نداءٍ وتشهدُ أكملَ شهادةٍ بأنه متلبِّسٌ بها، ولكنه لمَّا صارَ في اصطلاح هؤلاء المتعصِّبة يُطلَق على من يُعادي عليًّا ويُوالي معاوية افتراءً منهم على أهل العلم، واجتراءً على المسلمين استصعَبَ ذلك مَنْ استصعبه عند إطلاقه عليه في ألسُنِ هؤلاء الذين هم بالدوابِّ أشبه.
• [الرافضةُ أكذبُ أهلِ الْمِلل]:
ولم أجدْ أهلَ مِلَّةٍ من الملل، ولا فِرقةٍ من الفِرق الإسلامية أشدَّ بَهْتًا، وأعظمَ كذبًا، وأكثرَ افتراءً من الرافضة؛ فإنهم لا يُبالون بما يقولون من الزُّور كائنًا ما كان (١)، ومَن كان مشاركًا لهم في نوعٍ من أنواع الرفْض وإن قلَّ كان فيه مشابَهةٌ لهم بقَدْرِ ما يُشاركهم فيه.
فهذا الذي نجدُه في ديارنا هذه يختلفُ باختلاف المشارَكة المذكورة؛ فمن تلاعَب به الشيطان، ولم يَزَل ينقُلُه من درجةٍ إلى درجة؛ حتى وصل به إلى الرفضِ البحْت كما تشاهدُه في جماعة، فلا مَطمَعَ في كفِّه عن الطعنِ والثَّلبِ لخير القرون فضلًا عن أهل عصره، وليس يُفلحُ من كان هكذا، ولا يرجعُ إلى حق، ولا يَنْزِعُ عن باطل؛ فإنْ تَظاهَرَ بالإنصافِ والإقلاعِ عن البدعة والتلبُّسِ بالسُّنة، فالغالبُ أن ذلك يكونُ لجلبِ مصلحةٍ له دنيوية، أو
(١) يقول الإمام ابنُ تيمية ﵀: «وقد اتَّفق أهلُ العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضةَ أكذبُ الطوائف، والكذبُ فيهم قديم، ولهذا كان أئمةُ الإسلام يعلمون امتيازَهم بكثرة الكذب». ثم نقل ﵀ أقوال بعض علماء الإسلام في هذا؛ ثم قال: «والمقصودُ هنا أن العلماءَ كلَّهم متفقون على أن الكذب في الرافضة أظهرُ منه في سائر طوائف أهل القبلة». «مختصر منهاج السنة النبوية»، اختصار فضيلة الشيخ عبد اللَّه الغنيمان (٢٦: ٢٩ ط: دار ابن الجوزي الدمام).