ونهايةُ رغبته: أن يعرفَ ما طلبَه منه الشارعُ من أحكام التكليف والوضعِ على وجهٍ يَستقلُّ فيه بنفسه، ولا يَحتاجُ إلى غيره؛ من دون أن يَتصوَّرَ البلوغَ إلى ما تصوَّره أهلُ الطبقةِ الأولى من تعدِّي فوائدِ معارفهم إلى غيرهم، والقيامِ في مقام أكابرِ الأئمة، ونحاريرِ (١) هذه الأمة.
٣ - وقد يكون نهايةُ ما يريده، وغايةُ ما يطلبه: أمرًا دون أهل الطبقة الثانية؛ وذلك كما يكون من جماعةٍ يرغبُون إلى إصلاح ألسنتهم، وتقويمِ أفهامهم بما يقتِدرون به على فهم معاني ما يحتاجون إليه من الشرع، وعدمِ تحريفه وتصحيفه، وتغييرِ إعرابه؛ مِنْ دون قصدٍ منهم إلى الاستقلال؛ بل يَعزِمون على التعويل على السؤال عند عروض التعارض، والاحتياجِ إلى الترجيح.
فهذه ثلاثُ طبقاتٍ للطلبة من المتشرِّعين الطالبين للاطلاع على ما جاء في الكتاب والسُّنة إمَّا كُلًّا أو بعضًا، بحسب اختلافِ المقاصد وتفاوت المطالب.
٤ - وثَمَّ طبقةٌ رابعةٌ؛ يَقصدون الوصول إلى علمٍ من العلوم، أو عِلمَين أو أكثر لغرضٍ من الأغراض الدينية والدنيوية؛ مِنْ دون تصوُّرِ الوصول إلى عِلم الشرع.
فكانت الطبقات أربعًا.
• [عالي الهمَّة لا يَرضَى بدون الطبقة الأولى]:
وينبغي لمن كان صادقَ الرغبة، قويَّ الفهم، ثاقبَ النظر، عزيزَ النفس، شهمَ الطبع، عاليَ الهمة، ساميَ الغريزة: ألَّا يرضى لنفسه بالدون، ولا يقنع