للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ساعةٍ من ليلٍ أو نهار عن النظر في سلوكِهم وسيرتِهم؛ فإن العبدَ لن يزال يتعلمُ ويعلِّمُ ما دامت فيه رُوحٌ تتردد.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يعالجُ أمراضًا خطيرةً على حياةِ قدوات الأمة منَ العلماء وطلبة العلم؛ وعلى رأسها مرضُ التعصُّبِ المَقيتِ للآراء والأشخاص.

ولقد وعى إمامُنا الشوكاني وكذلك كلُّ عالِمٍ محقِّق أن هذه الأمراضَ من أعظم ما يفسدُ البلاد بأسرها؛ ومشكلتُها الكبرى أنها إذا غزت القلوبَ والعقولَ فإن أصحابَها يرَوْن كلَّ ما يفعلونه بعين الصواب الذي لا غبشَ فيه ولا خطأَ، ومِن ثَمَّ يجاهدون بكلِّ قُواهم على نشر ما قنِعوا به بين الخلائق، وسوفُ تكون النتيجةُ الحتميةُ انعدامَ الرؤية الصحيحة، واضطرابَ السلوك، وتخبُّطَ المسار، ووقوعَ الفتن بين أبناء الدين الواحد.

ولذلك رأى المصنِّف أن من واجب العلم عليه كعالِم له مكانتُه بين أبناءِ بلده وأمَّته أن يُنذِرَ ويحذِّرَ من تلك المخاطر حتى يسيرَ طالبُ العلمِ في طريقه على نور، ويؤهَّل لقيادة الناس إلى خيرِ سبيل.

• إطلالةٌ على الكتاب:

لقد بدأ المصنفُ كتابَه القيِّم ببيانِ الأصول الحتميةِ لكل طالب علمٍ يريدُ اللَّهَ تعالى والدارَ الآخرة؛ فكَشف عن المنطلَقاتِ التي ينبغي أن يضعَها الطالبُ في اعتبارِه قبلَ الإقدام على طريق الطلب؛ مبيِّنًا أن هذه الأصولَ لو ضاعت لضاع معها الطالب حتى لو حصَّل ظاهريًّا بعض العلوم.

وقد تقرَّر عند أهل العلم «أنَّ مَنْ حُرم الأصول حُرم الوصول»، وكلُّ

<<  <   >  >>