الفصل الخامس أهمُّ الْمفاسدِ الْمَاحقةِ لبَركةِ العِلم
واعلم أن المفاسد الماحقةَ لبركة العلم، والمفرِّقةَ لكلمة المسلمين، كثيرةٌ جدًّا، والإحاطةُ بها تتعسر، وقد ذكرنا هنا ما حضر عند التحرير.
• [أعظمُ مصيبَتين حلَّتا بدار الإسلام]:
وأعظم ما أُصيب به دينُ الإسلام من الدواهي الكبار، والمفاسدِ التي لا يوقف لها في الضرر على مقدار، أمران:
أحدهما: هذه المذاهبُ التي ذهبت ببهجةِ الإسلام، وغيَّرت رونقَه، وجهَّمت (١) وجهه؛ وقد قدَّمنا في هذا ما يَستغني [به العاقلُ] عن الزيادة، إن بقي له فهمٌ يرجع به إلى الحق، ويخرج به من الباطل.
والأمر الثاني: هذه الاعتقاداتُ التي حدثت لهذه الأُمَّة في صالحي الأموات، حتى صار الرجلُ يَقرِنُ مَنْ يعتقدُه مِنْ الأموات بمن يقلِّدُه منهم؛ فيقول: إمامُه في المذهب فلان، وشيخُه في الاعتقادِ والمحبة فلان.
وهذا يقوله ظاهرًا، وهو لو كُوشف ونَطق بما في ضميره، لقال: وشيخه الذي يعوِّلُ عليه في زعمه عند الشدائد في قضاء حاجاته ونَيل مطالبه فلان. وصُمِّي بصمَّامٍ مِنْ خَلفٍ وأمام.