وبِهذه الأسباب تلاعَبَ الناسُ بِهذا الفن الشريف، وكَذَبوا على رسول اللَّه ﷺ أقبحَ كذب، فصار مَنْ له تمييزٌ يَقضي من صنيعهم العجب إذا وقف على مؤلَّفاتِهم! ومع ذلك فهم لا يشعُرون بما هم فيه من الخطإ والخطل (١) والزَّلل، وهم المُوقِعُون لأنفُسِهم في هذه الوَرْطة بعدم رجوعِهم في هذا الفن بخصوصه إلى أهلهِ المُشتغِلِين به، كما يرجعون إلى أهل سائر الفنون عند احتياجهم إلى مسألةٍ من مسائله.
• [السببُ في عدم الرجوع إلى الْمُتخصِّصينَ في علم الحديث]:
ولستُ أظنُّ سببَ تخصيصِهم لهذا الفنِّ الشريف الجليل بعدمِ الرجوع إلى أهلِه دون غيره إلَّا ما يجدُه الشيطانُ في تزيينِ مِثل ذلك لهم من المُحال في الدِّين، وإثباتِ الأحكام الشرعية بالأكاذيب المختلَقة، وإغفالِ كثيرٍ من مهمَّاتِ الدين؛ لعدمِ عِلم المتكلِّمين في الفقه بأدلتها.
وأنت لا يَخفى عليك بعدَ هذا: أن إنصافَ الرجل لا يتمُّ حتى يأخذَ كلَّ فنٍّ عن أهله كائنًا ما كان؛ فإنه لو ذهب العالِمُ الذي قد تأهل للاجتهاد يأخذُ مثلًا الحديثَ عن أهله، ثم يريدُ أن يأخذَ ما يتعلقُ بتفسيره في اللغة عنهم، كان مخطئًا في أخْذِ المدلولِ اللغويِّ عنهم، وهكذا أخذُ المعنى الإعرابيِّ عنهم فإنه خطأٌ؛ بل يأخذُ الحديثَ عن أئمَّتِه بعد أن يكشفَ عن سنده وحالِ رُواته، ثم إذا احتاجَ إلى معرفةِ ما يتعلقُ بذلك الحديثِ من الغريب؛ رجع إلى الكُتب المدوَّنة في غريبِ الحديث، وكذا سائرُ كتبِ اللغة المدوَّنةِ في الغريب وغيره، وإذا احتاج إلى معرفة بِنْيةِ كَلِماتِهِ رجع إلى