للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودوَّنوه في كُتب العبادات والمعاملات.

وأما الكذب على عباده: فلكونِهم ذهبوا إليهم، فخَدعوهم وماكروهم بأنَّ ما أوجبه اللَّهُ من كذا ليس بواجب، وما حرَّمه من كذا ليس بمحرَّم إذا فعلوا كذا، أو قالوا كذا!.

وما أشبهَ هذا بما كان يصنعُه رؤساءُ الجاهليةِ لأهلها من التلاعب بهم، كما يتلاعَبُ الصِّبيانُ والمجانين! وكما يصنعه المُجَّانُ (١) وأهلُ الدُّعابة! فإن تحريمَ البَحيرةِ، والسائبةِ، والوصيلةِ، والحام (٢)، وكذلك ما كانوا يفعلونه من


(١) المُجَّان: أهل الخلاعة والمَساخِر.
(٢) البَحيرة: هي البهيمةُ التي يُمنعُ لبنُها على الناس تقرُّبًا للطواغيت.
وقيل: هي الناقة المشقوقةُ الأذُن.
وقيل: هي التي تُركت بلا راعٍ.
وقيل: هي ابنةُ السائبة الآتي ذكرها.
وقال ابن عُزيز: البحيرة: الناقة إذا نُتِجت خَمْسةَ أبطن، فإن كان الخامسُ ذَكَرًا نحروه، فأكله الرجالُ والنساء، وإن كان الخامس أنثى بَحَروا أذنَها أي: شقُّوها، وكانت حرامًا على النساء لحمُها ولبنُها، فإذا ماتت حلَّت للنساء.
والسائبة: الناقةُ التي كان يتركها الكفارُ؛ فلا يُحملُ عليها شيءٌ تقرُّبًا لآلِهتهم.
وقيل: هي الناقةُ إذا تابعت بين عشرِ إناثٍ ليس بينهن ذَكَر، لم يُركب ظهرها، ولم يُجَزَّ وَبَرُها، ولم يَشرَب لبنَها إلا ضيفٌ، فما نُتجت بعد ذلك من أنثى شُقَّت أذُنُها، وخُلِّي سبيلُها مع أمها، فلم يُركب ظهرُها، ولم يُجزَّ وَبَرُها، ولم يَشرب لبنَها إلا ضيف، كما فُعل بأمها، فهي البحيرة ابنةُ السائبة.
وقيل: السائبة: البعيرُ يُسيَّب بنَذْرٍ يكونُ على الرجل إن سلَّمه اللَّهُ من مرض، أو بلَّغه منزله أن يفعل ذلك، فلا يُحبَسُ عن رعيٍ ولا ماء، ولا يركبُه أحد.
الوصيلة: هي الشاةُ إذا وَلدت سبعةَ أبطُن نظروا: فإذا كان السابعُ ذكرًا ذُبح فأكل منه الرجالُ والنساء، وإن كان أنثى تُركت في الغنم، وإن كان ذكرًا وأنثى قالوا: وَصلت أخاها، فلم يُذبح لمكانِها، وكان لحمُها حرامًا على النساء، ولبنُ الأنثى حرامًا على النساء؛ إلا أن يموت منها شيء، فيأكله الرجال والنساء.
وقيل: هي الشاةُ إذا وَلدت عشرَ إناثٍ متتابعاتٍ ليس بينهن ذَكَر في خَمْسةِ أبطُن أي في كل بطنٍ توأم، يقولون: وَصلت، فكان ما وَلدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث، إلا أن يموت شيءٌ منها، فيَشترك فيه الرجال والنساء.
الحامي: هو الفَحل إذا رُكب ولدُ ولدِه.
وقيل: إذا نُتج من صُلبه عشرةُ أبطن، قالوا: قد حُمي ظهرُه، فلا يُركب ولا يُمنع من كلأٍ ولا ماء.
وكل هذه الأمور من ترَّهات الجاهلية وأباطيلها. وانظر فيما سلف: «تفسير القرطبي» (٨/ ٢٣٨ - ٢٤٠).

<<  <   >  >>