فانظر ما في هذه المناقضة من الجهل، فإن مصعبًا ليس بمستحقٍّ لذلك؛ لأنه لم يكن معروفًا بعلمٍ ولا فضل؛ بل هو أميرٌ كبير؛ وَلِيَ العراقَ من أخيه عبد اللَّه بن الزبير، وسَفَك من الدماء ما لا يأتي عليه الحصر، وبَقِيَ كذلك حتى وقعت الحربُ بينه وبين عبد الملك بن مروان، فخَذلَه أهلُ العراق فقُتل.
فانظر أيَّ فضيلةٍ لمصعبٍ يَستحقُّ بها أن يكون للسُّنيةِ كالحُسين للشيعة!.
• [دورُ الرافضة في دخول التتار إلى ديارِ الْمُسلِمين]:
وبالجُملة، فقد حَدَثت بسبب الاختلاف بين الطائفتين فواقرُ عظيمةٌ لو لم يكن منها إلا دخولُ التَّتَرِ بغداد وقتلُهم الخليفةَ والمسلمين [لكفى]؛ فإن سببَ ذلك الوزيرُ الرافضيُّ ابنُ العَلقميِّ، كان بينه وبين الأمير «مجاهِد الدين الدويدار» من العدواة أمرٌ عظيم، وكان مجاهدُ الدين يتعصب على الشيعة تعصبًا شديدًا؛ حتى أفضى ذلك إلى نَهْبِ أهلِ «الكَرْخِ»، وإحراقِ بعضِ مساكنهم؛ فغضب الوزيرُ غضبًا شديدًا، ولم يستطع المكافأةَ إذ ذاك، فحَمَله ذلك على مكاتبةِ التتر، وترغيبِهم في بغداد، وتسهيل الأمر عليهم، فأقبل هولاكو مَلِكُ التتر، ومعه جيشٌ من التتر عظيم، فوصلوا بغداد، وأحاطوا بها من جميعِ جوانبها، وما زال الوزيرُ يَخدَعُ الخليفة، ويُفرِّقُ جيوشَه، ويَحولُ بينه وبين الحَزْم، حتى أعيته الحيلة، وتمكَّنَ العدوُّ، فخَرَج عند ذلك الوزيرُ إلى التتر، وقد تقدَّم بينهم مِنْ المكاتبة ما فيه حُرمةٌ وذِمَّة، وتكفَّل لهم بإيقاع الخليفة وأعيانِ المَحَلِّ في أيديهم؛ يقتلونَهم كيف شاؤوا، ثم دخولهم بغداد بعد ذلك، ثم رجع إلى الخليفة، وأخبره أن سلطان التترِ لا يريد استئصالَه، ولا نزْعَ يدِه من الخلافة، وليس له رغبةٌ إلى ذلك؛ بل مرادُه أن