للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنَّا نقول: المراد: الذَّاتُ الشرعية (١)، وهي غيرُ موجودة، ولا اعتبارَ بوجود ذاتٍ غير شرعية، ونفيُ الذات هو المعنى الحقيقي، فلا يُعدَلُ عنه إلى غيره إلا لصارف؛ ولا صارفَ هنا.

على أنه لو فُرض وجودُ صارفٍ إلى المعنى المجازي، لم يكن المقدَّرُ هاهنا إلَّا «الصحةُ» أو ما يفيدُ مَفادها، وهي مستلزمةٌ لنفي الذات.

فتقرَّر بمجموع ما ذكرنا: أن حصولَ الأعمال وثبوتَها لا يكونُ إلَّا بالنية، فلا حصولَ أو لا ثبوت لما ليس كذلك.

فكلُّ طاعةٍ من الطاعات وعبادةٍ من العبادات إذا لم تصدُر عن إخلاصِ نيةٍ وحُسْنِ طَوِيَّة، لا اعتدادَ بها ولا التفاتَ إليها؛ بل هي إن لم تكن معصيةً، فأقلُّ الأحوال أن تكون من أعمالِ العَبَث واللعب، التي هي بما يصدُر عن المجانين أشبهُ منها بما يصدرُ عن العقلاء.

[الغايةُ منَ العلم: العمل]:

ومِن أهمِّ ما يجبُ على طالب العلم تصوُّرُه عند الشروع، واستحضارُه عند المباشرة بل وفي كلِّ وقتٍ من أوقاتِ طلبه، مبتديًا ومنتهيًا، متعلِّمًا وعالمًا: أن يَقِرَّ في نفسه أن هذا العملَ الذي هو بصدده هو تحصيلُ العلم الذي شَرعه اللَّهُ لعباده، والمعرفةُ لِما تعبَّدهم في مُحكم كتابه وعلى لسان رسوله ، والوقوفُ على أسرارِ كلام اللَّه ﷿ وكلامِ رسوله ، وأنَّ هذا المَطلبَ الذي هو بسبب (٢) تحصيلِه ليس هو من المَطالب التي يَقصِدُها مَنْ هو طالبٌ للجاه والمال والرياسة؛ بل هو مطلبٌ يُتاجِرُ به الربَّ


(١) أي: الذات الصحيحة شرعًا، وليست المعتبرةَ وجودًا وإن لم تصح.
(٢) بسبب: في سبيل.

<<  <   >  >>