فَقُمْنَا حاشدين إلى بناء … لنا منه [١] القواعِدُ والتراب
غداة نُرَفِّع التأسيس منه … وليس على مُسَموّينا [٢] ثياب
أعزّ به المليك بني لُؤَي … فليس لأصله منهم ذَهاب
وقد حشدت هناك بنو عدي … ومرة قد تقدَّمها كلاب
فبوّأنا المليكُ بذاك عِزّا … وعند الله يُلْتَمَسُ الثواب
قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النبي، ﷺ، ثمانية عشرَ ذراعًا، وكانت تُكسى القباطي، ثم كسيت بَعْدُ البرود، وأول من كساها الديباجَ الحجاجُ بن يوسف.
(قلت): ولم تزل علي بناء قريش حتى احترقت [٣] في أول امارة عبد الله بن الزبير، بعد سنة ستين. وفي آخر [٤] ولاية يزيد بن معاوية، لما حاصروا ابن الزبير، فحينئذ نقضها ابن الزبير إلى الأرض، وبناها على قواعد إبراهيم ﵇، وأدخل لها الحجر وجعل فيها بابا شرقيًّا وبابًا غربيًّا ملصقين بالأرض، كما سمع ذلك من خالته عائشة أم المؤمنين [﵂][٥]، [عن رسول الله ﷺ][٦]، ولم تزل كذلك مدة إمارته حتى قتله الحجاج، فردّها إلى ما كانت عليه بأمر عبد الملك بن مروان له بذلك، كما قال مسلم بن حجاج في صحيحه (٨٢٦): حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيّ، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا ابن أبي سليمان، عن عطاء، قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يُجَزئَهم [٧] أو يحزبهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس؛ أشيروا علي في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها، أو أصلح ما وَهِيَ منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فُرِق لي رأي فيها: أرى أن تصلح ما وَهِيَ منها، وتدع بيتًا أسلم الناس عليه، وأحجارًا أسلم الناس عليها، وبعث عليها - النبي، ﷺ. فقال ابن الزبير: لو كان أحدهم احترق بيته ما رضي حتى يجدده، فكيف بيت ربكم ﷿ إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمري، فلما مضت ثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماها الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل، فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء، تتابعوا، فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة يستر عليها الستور، حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة ﵂ تقول: إنّ النبي،ﷺ قال: "لولا أن الناس