للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: يعني بقوله جل ثناؤه: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وليست اليهود -يا محمد- ولا النصارى براضية عنك أبدًا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم [١]، وأقبلْ على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق.

وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ أي: قل يا محمد: إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى، يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل.

قال قتادة: في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ قال: خصومة عَلَّمَها الله محمدًا وأصحابه، يخاصمون بها أهل الضلالة.

قال قتادة: وبلغنا أن رسول الله، ، كان يقول: [٢] لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون [٣] على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" (٧١٧).

(قلت): هذا الحديث مخرّج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو (٧١٨).

﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيًّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ فيه تهديد، ووعيد شديد للأمّة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى، بعدما علموا من القرآن والسنة، عياذًا بالله من ذلك، فإن الخطاب مع الرسول، [والأمر لأمّته] [٤].

[وقد استدل كثير من الفقهاء لقوله: ﴿حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ حيث أفرد الملة، على أن الكفر كله ملة واحدة، كقوله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار، وكل منهم يرث قرينه، سواء كان من أهل دينه أم لا؛ لأنهم كلهم ملة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد في رواية عنه. وقال في الرواية الأخرى كقول مالكٍ: إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى كما جاء في الحديث (٧١٩)، والله أعلم] [٥].


(٧١٧) - إسناده ضعيف لانقطاعه.
(٧١٨) - رواه مسلم برقم بلفظ: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك في كتاب الإمارة برقم ١٧٦ - (١٩٢٤).
(٧١٩) - رُوي من حديث عبد الله بن عمرو، وجابر بن عبد الله، وأسامة بن زيد. أما حديث عبد الله بن عمرو: فرواه أبو داود في الفرائض، باب: هل يرث المسلم الكافر برقم (٢٩١١)، وابن ماجه في الفرائض، باب: ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك برقم (٢٧٣١). وأما حديث أسامة بن زيد فهو متفق عليه بلفظ: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". رواه البخاري في الفرائض، باب: =