للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلا بَشَرًا رَسُولًا﴾ وقوله تعالى: ﴿وَقَال الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَينَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب، وعتوّهم [١] وعنادهم، وسؤالهم ما لا حاجة لهم به، إنما هو الكفر والمعاندة، كما قال من قبلهم من الأمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم، كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾، وقوله تعالى: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي أشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدّمهم في الكفر والعناد والعتوّ، كما قال تعالى ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ؟﴾ الآية. وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، أي: قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر وزيادة أخرى، لمن أيقن، وصدق، واتبع الرسل، وفهم ما جاءوا به عن [٢] الله ، وأما من ختم الله على قلبه وسمعه [٣]، وجعل على بصره غشاوة، فأولئك الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾.

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩)

قال ابن أبي حاتم (٧٠٩)، حدَّثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الفَزَاري [٤]، عن شيبان النحوي، أخبرني قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي، ، قال: "أنزلت عليَّ ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾، قال: بشيرًا بالجنة، ونذيرًا من النار". وقوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ قراءة أكثرهم [٥]: ﴿وَلَا تُسْأَلُ﴾ بضم التاء على الخبر. وقراءة أبي بن كعب ﴿وما تسأل﴾. وفي قراءة ابن مسعود ﴿ولن تسئل عن أصحاب الجحيم﴾ نقلها [٦] ابن جرير (٧١٠) أي: لا نسألك عن كفر من كفر بك، كقوله [٧]: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيكَ الْبَلَاغُ وَعَلَينَا


(٧٠٩) - فيه عنعنة قتادة، وهو مدلس، وعبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الفزاري: قال أبو حاتم ليس بقوي (٥/ ٢٨٢). والحديث في تفسير ابن أبي حاتم ١١٥٥، ١١٥٦ - (١/ ٣٥٤).
(٧١٠) - تفسير ابن جرير (٢/ ٥٥٨).