للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر كما افتروا، وإنما له ملك السموات والأرض [ومن فيهنَّ] [١]، وهو المتصرف فيهم، وهو خالقهم، ورازقهم، ومقدرهم ومسخرهم، ومسيرهم، ومصرفهم كما يشاء، والجميع عبيد له، وملك له، فكيف يكون له ولد منهم؟! والولد إنما يكون متولدًا من شيئين متناسبين، وهو تبارك، وتعالى ليس له نظير، ولا مشارك في عظمته وكبريائه، ولا صاحبة له، فكيف يكون له ولد؟ كما قال تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

فقرّر تعالى في هذه الآيات الكريمة أنه السيد العظيم، الذي لا نظير له، ولا شبيه له، وأنّ جميع الأشياء غيره مخلوقة له مربوبة؛ فكيف يكون له منها ولد؟ ولهذا قال البخاري (٦٩٧) في تفسير هذه الآية [٢] من البقرة:

حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن عبد الله بن أبي حُسَين، حدثنا نافع بن جبير -هو ابن مطعم- عن ابن عباس، عن النبي، ، قال: "قال الله تعالى: كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، [وشتمني، ولم يكن له ذلك] [٣]، فأمّا تكذبيه إياي، فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: إنّ [٤]، لي ولدًا فسبحاني [٥] أن أتخذ صاحبة، أو [٦] ولدًا".

انفرد به البخاري من هذا الوجه.

وقال ابن مردويه (٦٩٨): حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا [إسحاق بن محمد الفَرْوي] [٧]، حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، : "يقول الله تعالى: كذبني ابن آدم، وما [٨] ينبغي


(٦٩٧) - رواه البخاري في التفسير، باب: وقالوا اتخذ الله ولدًا سبحانه، برقم (٤٤٨٢).
(٦٩٨) - رواه البخاري في التفسير برقم (٤٩٧٤) من طريق شعيب، عن أبي الزناد، به، وفيه: "لم ألد، ولم أولد. .".