للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سعيد بن جبير: هو الذي لا أحد له.

وقال ابن عباس، وسعيد، وقتادة ومقاتل بن حيان: هو ذو العيال. وكل هذه قريبة المعنى.

وقوله: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، أي: ثم هو مع هذه [١] الأوصاف الجميلة الطاهرة، مؤمن بقلبه، محتسب ثواب ذلك عند الله ﷿. كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ … ﴾ الآية.

وقوله: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾، أي: كان من المؤمنين العاملين صالحًا، المتواصين بالصبر على أذى الناس، وعلى الرحمة بهم. كما جاء في الحديث (٤٦): " الراحمون يرحمهم الرحمن [٢]، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" وفي الحديث الآخر (٤٧): " لا يرحم الله من لا يرحم الناس" وقال أبو داود (٤٨): حدثنا بن أبي شيبة، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن ابن عامر، عن عبد الله بن عَمرو - يرويه [٣]- قال: "من لم يرحم صغير لا ويعرف حق كبيرنا، فليس منا".

وقوله: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيمَنَةِ﴾ أي: المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين.

ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾، أي: أصحاب الشمال، ﴿عَلَيهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾، أي: مطبقة عليهم، فلا محيد لهم عنها، ولا خروج لهم منها.

قال أبو هريرة، وابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومحمد بن كعب القرظي، وعطية العوفي، والحسن، وقتادة، والسدي: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾، أي: مطبقة. قال ابن عباس: مغلقة الأبواب. وقال مجاهد: أصد الباب بلغة قريش [٤]: أي أغلقه.


(٤٦) المسند (٢/ ١٦٠) (٦٤٩٤). وأبو داود في كتاب: الأدب، باب: في الرحمة، حديث (٤٩٤١) (٤/ ٢٨٥). والترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الناس، حديث (١٩٢٥) (٦/ ١٧٢). كلهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
(٤٧) صحيح البخاري في كتاب: التوحيد، باب: قول الله : ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، حديث (٧٣٧٦) (١٣/ ٣٥٨) من حديث جرير بن عبد الله بهذا اللفظ. وأخرجه البخاري (٦٠١٣)، ومسلم (٦٦/ ٢٣١٩) من حديث جرير بمعناه.
(٤٨) سنن أبي داود في كتاب: الأدب، باب: في الرحمة، حديث (٤٩٤٣) (٤/ ٢٨٦). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٤١٣٤).