للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآيات.

وقال كثير من علماء الأصول: إن لفظة ﴿عسعس﴾ تستعمل في الإِقبال والإِدبار على وجه الاشتراك، فعلي هذا يصح أن يراد كل منهما، والله أعلم.

قال ابن جرير: وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أن ﴿عسعس﴾: دنا من أوله وأظلم، وقال الفراء: كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتًا:

عسعس حتى لو يشاء ادّنا … كان له من ضوئه مقبس

يريد: لو يشاء إذ دنا، أدغم الذال في الدال. وقال الفراء: وكانوا يَرَون أن هذا البيت مصنوع.

وقوله: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾، قال الضحاك: إذا طلع. وقال قتادة: إذا أضاء وأقبل. وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ. وهو المروي عن علي، .

وقال ابن جرير: يعني: وضوء النهار إذا أقبل وتبين.

وقوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾، يعني: إن هذا القرآن لتبليغُ رسول كريم، أي: ملك شريف حَسَن الخلق، بهي المنظر، وهو جبريل . قاله ابن عباس، والشعبي، وميمون بن مهران، والحسن، وقتادة، والضحاك، والربيع بن أنس، وغيرهم.

﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ كقوله: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ﴾، أي: شديد الخَلْق، شديد البطش والفعل، ﴿عند ذي العرش مكين﴾، أي: له مكانة عند الله ﷿ ومنزلة رفيعة.

قال أبو صالح في قوله: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ قال: جبريل يدخل في سبعين حجابًا من نور بغير إذن.

﴿مطاع ثم﴾ أي: له وجاهة، وهو مسموع القول مطاع في الملإِ الأعلى.

قال قتادة: ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ﴾، أي: في السماوات، يعني: ليس هو من أفناء [١] الملائكة، بل هو من السادة والأشراف، معتنى به، انتخب لهذه الرسالة العظيمة [٢].

وقوله: ﴿أَمِينٍ﴾: صفة لجبريل بالأمانة، وهذا عظيم جدًّا أن الرب ﷿ يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل، كما زكى عبده ورسوله البشري محمدًا بقوله: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾.


[١]- في ز: أفناد.
[٢]- سقط من ت.