للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾. وهو يوم الفصل، كما قال: ﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾.

ثم قال معظمًا لشأنه: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ أي: ويل لهم من عذاب الله غدًا.

وقد قدمنا في الحديث أن "ويل" واد في جهنم. ولا يصح.

﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَينَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)

يقول تعالى: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾ يعني من المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به، ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾، أي: ممن أشبههم.

ولهذا قال: ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. قاله ابن جرير.

ثم قال ممتنًا على خلقه ومحتجًّا على الإعادة بالبدَاءة: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ أي: ضعيف حقير بالنسبة إلى قُدرَة الباري ﷿، كما تقدم في سورة ﴿يس﴾ في حديث بُسر بن جحاش: "ابنَ آدم، [أنَّى تُعجزُني] [١] وقد خلقتك من مثل هذه؟! " (٤).

﴿فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾، يعني: جمعناه في الرَّحِم، وهو قرار الماء من الرجل والمرأة، والرحم معد لذلك [٢]، حافظ لما أودع فيه من الماء.

وقوله: ﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾، يعني إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر.

ولهذا قال: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.


(٤) تقدم تخريجه في سورة يس، آية: (٧٧).