القيامة. وإن منهم ملائكة ركوعًا لم يرفعوا رءوسهم منذ خلق الله السموات والأرض، ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، فإذا رفعوا رءوسهم نظروا إلى وجه الله ﷿ قالوا: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك". وهذا إسناد لا بأس به.
وقوله: ﴿وَمَا هِيَ إلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾، قال مجاهد وغير واحد: ﴿وَمَا هِيَ﴾، أي: النار التي وصفت، ﴿إلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾.
ثم قال: ﴿كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيلِ إِذْ أَدْبَرَ﴾، أي: ولى، ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾، أي: أشرق، ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾، أي: العظائم، يعني النار. قاله ابن عباس، ومجاهد. وقتادة، والضحاك، وغير واحد من السلف: ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾، أي: لمن شاء أن يقبل النّذارة ويهتدي للحق، أو يتأخر عنها ويولي ويردها.
يقول تعالى مخبرًا أن ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾، أي: معتقلة بعملها يوم القيامة. قاله ابن عباس وغيره ﴿إلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ فإنهم في جنات يتساءلون عن المجرمين، أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾، أي: ما عبدنا ربنا ولا أحسنَّا إلى خلقه من جنسنا، ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾، أي: نتكلم فيما لا نعلم. وقال قتادة: كلما غوى غاو [١] غوينا معه، ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾، يعني الموت. كقوله: