للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه [١] غير مرة.

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣)

يقول تعالى مخبرًا بما أخبر به في سورة الحديد: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾، وهكذا قال ها هنا: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، قال ابن عباس: بأمر الله. يعني عن قدره ومشيئته.

﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾، أي: ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعَوّضه عما فاته من الدنيا هُدى في قلبه، ويقينًا صادقًا، وقد حلف عليه ما كان أخذ [منه، أو] [٢] خيرًا منه.

قال عليّ بن أبي طلحة: عن ابن عباس: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾، يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

وقال الأعمش: عن أبي ظبيان؛ قال: كنا عند علقمة فقُرئ عنده هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾، فسُئل عن ذلك فقال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.

وقال سعيد بن جير، ومقاتل بن حيان: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾، يعني: يسترجع، يقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ﴾.

وفي الحديث المتفق عليه (٢): " عجبًا للمؤمن! لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن".

وقال أحمد (٣): حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن رزيد، عن عليّ بن


(٢) - تقدم تخريجه في سورة يونس آية: (١٢)، وسررة إبراهيم آية (٥). ولم أجد الحديث في البخاري، وقد تقدم هناك عند مسلم وغيره.
(٣) - المسند (٥/ ٣١٨ - ٣١٩) (٢٢٨٢٠)، وقال الهيثمي (١/ ٦٤): رواه أحمد وفي إسناده ابن لهيعة.