للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سورةُ الجمعة: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾، قالوا: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثًا، وفينا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله طه على سلمان ثم [١] قال: "لو كان الإِيمان عند الثريا لناله رجال -أو: رَجُلٌ- من هؤلاء".

ورواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، وابن جرير، من طرق عن ثور بن زيد الدّيلي، عن سالم أبي الغيث، عن أبي هريرة، به

ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية، وعلى عموم بعثته إلى جميع الناس؛ لأنه فسر قوله: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ بفارس، ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم، يدعوهم ابن الله ﷿ وإلى اتباع ما جاء به؛ ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾، قال: هم الأعاجم، وكل من صدق النبي من غير العرب.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو محمَّد عيسى بن موسى، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛ قال: قال رسول الله : "إنَّ في أصلاب أصلاب أصلاب رجال [من أصحابي، رجالًا ونساء] [٢] من أمتي يدخلون الله بغير حساب". ثم قرأ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ يعني بقية من بقي من أمة محمَّد .

وقوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي: ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره.

وقوله: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾، يعني ما أعطاه الله محمدًا من النبوة العظيمة، وما خص به أمته من بعثته إليهم.

﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا


= (٢٣١/ ٢٥٤٦) (١٦/ ١٥١). والترمذي في كتاب: التفسير، كتاب: ومن سورة الجمعة، حديث (٣٣٠٧) (٩/ ٤٨). والطبري (٢٨/ ٩٦).