للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عمر: وأوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم كرامتهم. وأوصيه بالأنصار خيرًا، الذين تَبوّءوا الدار والإيمان من قبل، أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم. رواه البخاري هاهنا أيضًا (٣٤).

وقوله: ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيهِمْ﴾، أي: مِن كَرَمهم وشرف أنفسهم، يحُبُّون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم.

قال الإمام أحمد (٣٥): حدثنا يزيد، أخبرنا حميد، عن أنس؟ قال: قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسنَ مواساةً في قليل ولا أحسن بذلًا في كثير، لقد كفونا المُؤْنَةَ، وأشركونا في المهنأ [١]، حتى لقد خَشينا أن يذهبوا بالأجر كله! قال: "لا، ما أثنيتم عليهم، ودعوتم الله لهم". لم أره في الكتب من هذا الوجه.

وقال البخاري (٣٦): حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد؛ قال: دعا النبي الأنصار أن يُقطِعَ لهم البحرين، قالوا: لا، إلا أن تُقطع لإِخواننا من [٢] المهاجرين مثلها.

قال: "إما لا، فاصبروا حتى تلقوني، فإنه سيصيبكم بعدي [٣] أثرة". تفرد به البخاري من هذا الوجه.

وقال البخاري (٣٧): حدثنا الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيرة؛ قال: قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: لا. فقالوا: تكفونا المؤنَةَ ونَشركُكم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا. تفرد به دون مسلم.


(٣٤) - أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة"، باب: قصة البيعة، حديث (٣٧٠٠) (٧/ ٥٩ - ٦٣) في حديث طويل.
(٣٥) - أخرجه أحمد (٣/ ٢٠٠) (١٣٠٩٨). وإسناده ثقات، رجال الصحيح. وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (٢١٧). وأخرجه أبو داود (٤٨١٢)، والترمذي (٢٤٨٩) وغيرهما عن أنس من طرق بنحوه.
(٣٦) - أخرجه البخاري في كتاب: مناقب الأنصار، باب: قول النبي للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، حديث (٣٧٩٤) (٧/ ١١٧).
(٣٧) - أخرجه البخاري في كتاب: الحرث والمزارعة، باب: إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره وتشركني في التمر، حديث (٢٣٢٥) (٥/ ٨).