للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن لهيعة: حدثني عطاء، عن سعيد بن جبير ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾، يعني: يريدون أن يعودوا في الجماع الذي حرموه على أنفسهم.

وقال الحسن البصري: يعني: الغشيان في الفرج. وكان لا يرى بأسًا أن يغشى فيما دون الفرج قبل أن يكفر.

وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾. والمس: النكاح.

وكذا قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومقاتل بن حيان.

وقال الزهري: ليس له أن يقبلها ولا يمسها حتى كفر.

وقد رَوَى أهل السنن من حديث عكرمة، عن ابن عباس، أن رجلًا قال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر. فقال: "ما حملك على هذا يرحمك الله؟ " قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر. قال: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله ﷿" (١٢).

وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، ورواه أبو داود، والنسائي من حديث عكرمة مرسلًا. قال النسائي: وهو أولى بالصواب (١٣).

وقوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾، أي: فإعتاق رقبة كاملة من قبل أن يتماسا، فهاهنا الرقبة مطلقة غير مقيدة بالإِيمان، وفي كفارة القتل مقيدة بالإِيمان، فحمل الشافعي ما أطلق هاهنا على ما قيد هناك لاتحاد الموجب، وهو عتق الرقبة، واعتضد في ذلك بما رواه عن مالك بسنده، عن معاوية بن الحكم السلمي، في قصة الجارية السوداء، وأن رسول الله قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (١٤).


(١٢) - أخرجه أبو داود في كتاب: الطلاق، باب: في الظهار، حديث (٢٢٢٣) (٢/ ٢٦٨)، والترمذي في كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، حديث (١١٩٩) (٤/ ١٨٨). والنسائي (٦/ ١٦٧) كتاب الطلاق، باب الظهار، وابن ماجة في كتاب: الطلاق، باب: المجامع يظاهر قبل أن يكفر، حديث (٢٠٦٥) (١/ ٦٦٦ - ٦٦٧). كلهم من طرق عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس. والحكم بن أبان صدوق له أوهام. والحديث حسن الحافظ أسانيده في فتح الباري (٩/ ٤٣٣)، وتبعه الألباني في الإرواء (٧/ ١٧٩). وانظر التالي.
(١٣) - وأخرجه أبو داود في كتاب: الطلاق، باب: في الظهار، حديث (٢٢٢٢) (٢/ ٢٦٨)، والنسائي (٢/ ١٦٧ - ١٦٨). كلاهما من طريق الحكم عن عكرمة مرسلًا. قال الزيلعي في "نصب الراية" (٣/ ٢٤٦): قال المنذري في "مختصره": قال أبو بكر المعافري: ليس هذا الحديث صحيحًا يعول عليه. قال: وفيما قال نظر؛ فقد صححه الترمذي، ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض. ا هـ.
(١٤) - أخرجه مالك في كتاب: العتق والولاء، باب: ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة، حديث (٨) (٢/ ٥٩٥). ومن طريقه الشافعي في الرسالة فقرة (٢٤٢).