للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رفيفًا، يقطر ماؤه، فيه من أنواع الكلأ، قال: [وكأني] [١] بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج حجروا، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق، فلم يظلموه [٢] يمينًا ولا شمالًا، قال: فكأني أنظر إليهم منطلقين. ثم جاءت الرّعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافًا، فلما أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق [فمنهم المرتع] [٣]، ومنهم الآخذ الضغث. ومضوا على ذلك، قال: ثم قَدم عُظم الناس، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا: هذا خير المنزل. كأني أنظر إليهم يميلون يمينًا وشمالًا، فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل [٤] أقنى، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولًا، وإذا عن يسارك [٥] رجل، ربعة باذّ كثير خيلان الوجه، كأنما حُمّم شَعْره بالماء، إذا هو تكلم أصغيتم إكرامًا له، وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقًا ووجهًا، كلكم تؤمّونه تريدونه، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها. قال: فامتقع لونُ رسول الله ساعة ثم سرّي عنه، وقال رسول الله : "أمّا ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب، فذاك ما حُملتم عليه من الهدى وأنتم عليه. وأما المرج الذي رأيت فالدنيا [وغضارة عيشها] [٦]، مضيت [٧] أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء، ولم تتعلق منا، ولم نردها ولم تردنا. ثم جاءت الرّعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافًا، فمنهم المرتع [٨] ومنهم الآخذ الضغث، ونجوا على ذلك. ثم جاء عُظْمُ الناس فمالوا في المَرج يمينًا وشمالًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأما أنت فمضيت على طريقة صالحة فلن تزال عليها حتى تلقاني، وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة، فالدنيا سبعة آلاف سنة، أنا في آخرها [ألفًا. و] [٩] أما الرجل الذي رأيتَ على يميني الآدَم الشّثل، فذاك موسى ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه، والذي رأيت عن يساري الباذّ الربعة الكثير خيلان الوجه كأنما حُمّم شعروه بالماء، فذاك عيسى ابن مريم، نكرمه لإكرام اللَّه إياه. وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقًا ووجهًا فذالى أبونا إبراهيم، كلنا نؤمّه ونقتدي به. وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها، فهي الساعة، علينا تقوم، لا نبي بعدي، ولا أمة بعد أمتي". قال: فما سأل رسول الله عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء


[١]- في ز، خ: وكانوا.
[٢]- في خ: يكلموه.
[٣]- في ز: منهم الريع.
[٤]- في ز: شتل. وفي الدلائل: ضعث.
[٥]- في الدلائل: يساره.
[٦]- في ز، خ: وعصاك نصيب.
[٧]- سقط من ز، خ.
[٨]- في ز: المرقع.
[٩]- سقط من ز.