للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواقعة: اسم [١] من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها، كما قال: ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾.

وقوله: ﴿لَيسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ أي: [ليس] [٢] لوقوعها إذا أراد الله كونَها صارفٌ يصرفها ولا دافع يدفعها، كما قال: ﴿اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾، وقال: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١) لِلْكَافِرِينَ لَيسَ لَهُ دَافِعٌ﴾، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾.

ومعنى ﴿كَاذِبَةٌ﴾ -كما قال محمد بن كعب-: لا بد أن تكون. وقال قتادة: ليس فيها [مثنوية] [٣] ولا ارتداد ولا رجعة.

قال ابن جرير: والكاذبة: مصدر كالعاتبة والعافية.

وقوله: ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾، أي: تخفض أقوامًا إلى أسفل السافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزاء، وترفع آخرين إلى أعلى عليين إلى النعيم المقيم [٤]، وإن كانوا في الدنيا وُضَعَاء. وهكذا قال الحسن، وقتادة وغيرهما.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾: تخفض أناسًا وترفع آخرين (٥).

وقال عبيد الله العَتَكي، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخضاب: ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾ الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة.

وقال محمد بن كعب: تخفض رجالًا كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالًا كانوا في الدنيا مخفوضين.

وقال السدي: خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين.

وقال العَوفي، عن ابن عباس: ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾: أسمعت القريب والبعيد.

وقال عكرمة: خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى. وكذا قال


(٥) - في إسناده سماك بن حرب وفي روايته عن عكرمة اضطراب.