للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا محمد بن طلحة، عن حميد، عن أنس أن رسول الله قال: "لغدوة في سبيل الله أو رَوحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم -أو موضع قيده؛ يعني سوطه- من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا، ولطاب ما بينهما، ولَنَصِيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها" (٣٧).

ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق، عن حُمَيد، عن أنس بنحوه وقوله: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ﴾، أي: ما لمن أحسن في الدنيا العمل إلا الإحسان إليه في الدار الآخرة، كما قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ (٣٨).

وقال البغوي: أخبرنا أبو سعيد الشَريحِيِّ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني ابن فَنجوَيه [١] حدثنا ابن شيبة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام، حدثنا الحجاج بن يوسف المكتب، حدثنا بشر بن الحسين، عن الزبير بن عَدي، عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله : ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ﴾، وقال: "هل تدرون ما قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "يقول: هل جزاء من أنعمتُ عليه بالتوحيد إلا الجنة".

ولما كان في الذي ذُكِرَ نعمٌ عظيمة لا يقاومها عمل، بل مجرد تفضل وامتنان، قال بعد ذلك كله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

ومما يتعلق بقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، ما رواه الترمذي والبغوي، من حديث أبي النضر [٢] هاشم بن القاسم، عن أبي عَقيل الثقفي، عن أبي فروة يزيد بن سنَان الرَّهاوي، عن بكير بن فيروز، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة" (٣٩).

ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر.


(٣٧) - المسند (٣/ ١٤١) (١٢٤٥٨).
(٣٨) - صحيح البخاري، كتاب: الجهاد، باب: الحور العين وصفتهن، حديث (٢٧٩٦) (٥/ ١٦).
(٣٩) - سنن الترمذي، كتاب: صفة القيامة، باب: من خاف أدلج وسلعة الله غالية، حديث (٢٤٥٢) (٧/ ١٦٠). وأبو فروة: زيد بن سنان: ضعيف. وبكير بن فيروز؛ قال الحافظ: مقبول.
وصحيح هذا الحديث الشيخ الألباني بشواهده في الصحيحة (٢٣٣٥).