للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأضافهم لوط [وبعثت امرأته العجوزُ السوءُ إلى قومها، فأعلمتهم بأضياف لوط] [١] فأقبلوا يُهْرَعُون إليه من كل مكان، فأغلق لوط دونهم الباب، فجعلوا يحاولون كسر الباب، وذلك عشية، ولوط يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه، ويقول لهم: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ يعني: نساءهم، ﴿إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ ﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾، أي: ليس لنا فيهن أرَبٌ، ﴿وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾: فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول، خرج عليهم جبريل فضرب أعينهم بطرف جناحه، فانطمست أعينهم. يقال: إنها غارت من وجوههم. وقيل: إنه لم تبق لهم عيون بالكلية، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان، ويتوعدون لوطًا إلى الصباح.

قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ﴾، أي: لا محيد لهم عنه، ولا انفكاك لهم منه، ﴿فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾.

﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)

يقول تعالى مخبرًا عن فرعون وقومه أنهم جاءهم رسول الله موسى وأخوه هارون بالبشارة إن آمنوا، والنذارة إن كفروا، وأيدهما بمعجزات عظيمة وآيات متعددة، فكذبوا بها كلها، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، أي: فأبادهم الله ولم يُبق منهم مخبرًا ولا عينًا ولا أثرًا.

ثم قال: ﴿أَكُفَّارُكُمْ﴾، أي: أيها المشركون من كفار قريش ﴿خَيرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ﴾ يعني من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل، وكفرهم بالكتب: أأنتم خير أم أولئك؟ ﴿أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾، أي: أم معكم [٢] من الله براءة أن لا ينالكم عذاب ولا نكال [٣]؟.

ثم قال تعالى مخبرًا عنهم: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾، أي: يعتقدون أنهم مناصرون بعضهم بعضًا، أن جمعهم يغني عنهم مَن أرادهم بسوء، قال الله تعالى:


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- في ز، خ: معهم.
[٣]- سقط من خ.