قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها [١] سدنة وحجاب، وتهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطَوفَانِها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم ﵇ ومسجده. فكانت لقريش وبني كنانة العُزَّى بنخلة، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم.
قلت: بعث إليها رسول الله، ﷺ، خالد بن الوليد فهدمها، وجعل يقول:
يا عز، كفرانك لا سبحانك … إني رأيت الله قد أهانك.
وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر، أخبرنا ابن فُضيل، حدثنا الوليد بن جُمَيع، عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سَمُرات، ففطع السَّمرات، وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي ﷺ فأخبره، فقال:"ارجع فإنك لم تصنع شيئًا". فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة - وهم حَجَبتها - أمعنوا في الحيَل [٢] وهم يقولون: يا عزى، يا عزى. فأتاها [٣] خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فغمسها بالسيف حتى قتلها. ثم رجع إلى رسول الله، ﷺ، فأخبره، فقال:"تلك العزى"(٥٥).
قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتَّب.
قلت: وقد بعث إليها رسول الله ﷺ المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب، فهدماها وجعلا مكانها مسجد الطائف.
قال ابن إسحاق: وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشُلّل بقديد، فبعث رسول الله ﷺ أبا سفيان صخر [٤] بن حرب فهدمها. ويقال: علي بن أبي طالب. قال: وكانت ذو الخلصة [٥]
(٥٥) - أخرجه النسائي في الكبرى في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾، حديث (١١٥٤٧) (٦/ ٤٧٤) ورجاله وثقوا.