للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلكى. قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد. وقال قتادة: فاسدين. وقيل: هي بلغة عمَّان.

ثم قال: ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أي: من لم يخلص العمل في الظاهر والباطن لله فإن الله تعالى سيعذبه في السعير، وإن أظهر للناس ما يعتقدون خلاف ما هو عليه في نفس الأمر.

ثم بين تعالى أنه الحاكم المالك المتصرف في أهل السماوات والأرض: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٤)﴾ أي: لمن تاب إليه وأناب، وخضع لديه.

﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَال اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إلا قَلِيلًا (١٥)

يقول تعالى مخبرًا عن الأعراب الذين تخلفوا عن النبي في غزوة الحديبية، إذ ذهب النبي وأصحابه إلى خيبر يفتتحونها: إنهم يسألون أن يخرجوا معهم إلى المغنم، وقد تخلفوا عن وقت محاربة الأعداء ومجالدتهم [١] ومصابرتهم، فأمر الله رسوله أن لا يأذن لهم في ذلك، معاقبة لهم من جنس ذنبهم، فإن الله تعالى وعد أهل الحديبية بمغانم خيبر وحدهم لا يشركهم فيها [٢] غيرهم من الأعراب المتخلفين، فلا يقع غير ذلك شرعًا وقدرًا؛ ولهذا قال: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾. قال مجاهد، وقتادة، وجويبر: وهو الوعد الذي وعد به أهل الحديبية. واختاره ابن جرير.

وقال ابن زيد: هو قوله: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾.

وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظر؛ لأن هذه الآية التي في "براءة" نزلت في غزوة تبوك، وهي متأخرة عن غزوة الحديبية.

وقال ابن جريج: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ يعني: بتثبيطهم [٣] المسلمين عن


[١]- في ز، خ: ومجادلتهم.
[٢]- سقط من خ.
[٣]- في ز: تثبطهم.