للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله إليهم.

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا﴾ أي: إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك، ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ﴾ يعني الناس ﴿سَيِّئَةٌ﴾ أي: جدب ونقمة وبلاء وشدة، ﴿فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ﴾ أي: يجحد ما تقدم من النعمة ولا يعرف إلا الساعة الراهنة، فإن أصابته نعمة أشر وبطر، وإن أصابته محنة يئس وقنط. كما قال رسول الله (٦٦): " يا معشر النساء، تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار". فقالت امرأة: ولم يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تُكثرن الشكاية، وتكفُرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم تركت يومًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط". وهذا حال أكثر الناس إلا من هداه الله وألهمه رشده، وكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فالمؤمن كما قال رسول الله : "إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن" (٦٧).

﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)

يخبر تعالى أنه خالق السماوات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه يخلق ما يشاء، و ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا﴾ أي: رزقه البنات فقط - قال البغوي: ومنهم لوط ﴿وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ أي: يرزقه البنين فقط. قال البغوي: كإبراهيم الخليل لم يولد له أنثى.

﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا﴾ أي: ويعطي من يشاء من الناس الزوجين الذكر والأنثى؛ أي: من هذا ومن [١] وهذا، قال البغوي، كمحمد . ﴿وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ أي: لا يولد له. قال البغوي: كيحيى وعيسى، . فجعل الناس أربعة أقسام: منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطه البنين، ومنهم من يعطه من النوعين ذكورًا وإناثًا، ومنهم من يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيمًا لا نسل له ولا يولد له. ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي: بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام، ﴿قَدِيرٌ﴾ أي: على ما [٢] يشاء، من


(٦٦) - تقدم هذا الحديث مرارًا. في سورة البقرة الآية رقم (١٥٣)، وفي الأعراف رقم (٩٥)، وفي يونس (١٢)، وفي الروم رقم (٣٣)، وفي سبأ الآية (١٩) وسيأتي في التغابن الآية (١١)
(٦٧) - تقدم هذا الحددث في سورة البقرة عند الآية رقم (٨٧).