للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ أي: من بعد إياس الناس من نزول المطر، ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه، كقوله: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾.

وقوله: ﴿وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ أي: يعم بها الوجود على أهل ذلك القُطر وتلك الناحية.

قال قتادة: ذُكر لنا أن رجلًا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، قحط المطر وقَنَط الناس؟ فقال عمر : مطرتم، ثم قرأ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٤٤). أي: هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله.


= وهو الرملي. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان في المجروحين (٣/ ١٢٦ - ١٢٧)، وكان ممن ساء حفظه وكثر وهمه حتى جعل يخالف الأثبات فيما يروى الثقات، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به. وقال ابن عدي في الكامل (٧/ ٢٦٧٣): "عامة رواياته مما لا يتابع عليه" وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية عقب روايته لهذا الحديث: "هذا حديث لا يصح … ففيه يحيى بن عيسى الرملي قال يحيى: ما هو بشيء. وقال ابن حبان: ساء حفظه فكثر وهمه فبطل الاحتجاج به".
ثانيًا: حديث أنس بن مالك. أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤٤) وأبو نعيم في الحلية (٨/ ٣١٨)، والبغوي في شرح السنة (٥/ ٢٣) والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ١/ ٤٢٩، وابن أبي الدنيا في الأولياء (١) وزاد السيوطي في الدر المنثور نسبته إلى ابن عساكر في تاريخه، وزاد ابن حجر في الفتح (١١/ ٣٤٢) نسبته إلى البزار وأبي يعلى وزاد الألباني في الصحيحة (٤/ ١٨٩) نسبته إلى محمد بن سليمان الربعي في جزء من حديثه، وزاد الهيثمي في المجمع نسبته إلى الطبراني في الأوسط. كلهم من طريق عمر بن سعيد الدمشقي، والحسن بن يحيى الدمشقي كلاهما عن صدقة بن عبد الله الدمشقي عن هشام الكناني، عن أنس مرفوعًا وهذا إسنادٌ ضعيف جدًّا، صدقة بن عبد الله - وهو أبو معاوية السمين - ضعيف، وشيخه هشام الكناني لا يعرف. وقال ابن الجوزي -كما في العلل المتناهية (١/ ٤٤): "هذا حديث لا يصح ففيه الخشني، قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك، وأما صدقة فمجروح".
أما الخشني وهو الحسن بن يحيى فقد تابعه عمر بن سعيد كما تقدم، والحديث ذكره الهيثمي في المجمع وعزاه للطبراني في الأوسط، وأعله بعمر بن سعيد هذا. وعليه فهذا الحديث لا يصح عن النبي فالخشني، وصدقة ضعيفان، وشيخهما ضعيف، وهشام الكناني الراوي عن أنس لم أجد من ترجمه، وقال الشيخ الألباني في الصحيحة: لم أعرفه. وانظر كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي على هذا الحديث في أثناء كلامه على شرح حديث: "من عادى لي وليًّا" الحديث الثامن والثلاثون من جامع العلوم والحكم، وانظر الصحيحة (٤/ ١٨٨).
(٤٤) - أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره، وعزاه في الدر إلى عبد بن حميد، وابن المنذر من هذا الوجه، وقول عمر: "مطرتم" أي ما دام أن الحال أصبح كما تقولون فسيفي الله ﷿ بوعده وينزل الغيث، وينشر رحمته، ويؤيد هذا المعنى قول عمر كما في الدر المنثور: "مطرتم إذًا".