بالباطل، ويجادلون الحجج بغير دليل وحجة معهم من الله، فإن الله يمقت على ذلك أشد المقت؛ ولهذا قال تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: والمؤمنون أيضًا يُبغضُون من تكون هذه صفته، فإن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه، فلا يعرف بعد ذلك معروفًا، ولا ينكر منكرًا، ولهذا قال: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ أي: على اتباع الحق ﴿جَبَّارٍ﴾.
وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة - وحكى عن الشعبي - أنه قال: لا يكون الإنسان جبارًا حتى يقتل نفسين. وقال أبو عمران الجوني وقتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق.
يقول تعالى مخبرًا عن فرعون وعتوه وتمرده، وافترائه في تكذيبه موسى ﵇: أنه أمر وزيره هامان أن بيني له ﴿صَرْحًا﴾، وهو: القصر العالي المنيف الشاهق. وكان اتخاذه من الآجرّ المضروب من الطين المشوي، كما قال: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا﴾، ولهذا قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون البناء بالآجر، وأن يجعلوه في قبورهم. رواه ابن أبي حاتم.
وقوله: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾، قال سعيد بن جبير، وأبو صالح: أبواب السماوات. وقيل: طرق السماوات، ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَه مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾، وهذا من كفره وتمرده، أنه كذب موسى في أن الله ﷿ أرسله إليه، قال اللَّه تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ أي: بصنيعه هذا الذي أراد أن يوهم به الرعية أنه يعمل شيئًا يتوصل به إلى تكذيب موسى ﵇ ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَا كَيدُ فِرْعَوْنَ إلا فِي تَبَابٍ﴾، قال ابن عباس، ومجاهد: يعني: إلَّا في خسار.