للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٢١) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَويٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٢)

يقول تعالى: أو لم يَسِرْ هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي [١]: من الأمم المكذبة بالأنبياء، ما حلّ بهم من العذاب والنكال، مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة، ﴿وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: أثروا في الأرض من البنايات [٢] والمعالم والديارات، ما لا يقدر عليه هؤلاء، كما قال: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ وقال: ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ أي: ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد، أخذهم الله بذنوبهم، وهي كفرهم برسلهم، ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾ [أي: وما دفع عنهم عذاب الله أحد، ولا رده عنهم راد، ولا وقاهم واق] [٣].

ثم ذكر علة أخذه إياهم وذنوبهم التي ارتكبوها واجترموها، فقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أي: بالدلائل الواضحات والبراهين القاطعات، ﴿فَكَفَرُوا﴾ أي: مع هذا البيان والبرهان كفروا وجحدوا، ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾ أي: أهلكهم ودمَّر عليهم وللكافرين أمثالها، ﴿إِنَّهُ قَويٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ أي: ذو [٤] قوة عظيمة وبطش شديد، ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ أي: عقابه أليم شديد وجيع. أعاذنا الله منه.

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيدُ الْكَافِرِينَ إلا فِي ضَلَالٍ (٢٥) وَقَال فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦) وَقَال مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (٢٧)

يقول تعالى مسليًا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه، ومبشرًا له بأن


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز: "النباتات".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٤]- في ز: "ذي".