للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُذَكِّرُني حَاميمَ والرمحُ [١] شَاجرٌ … فهلَّا تلا حاميم قبل التقدم

وقد ورد في [٢] الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي (١٠)، من حديث الثَّوري، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صُفْرَة؛ قال [٣]: حدثني من سمع رسول الله يقول: "إن بيتم الليلة فقولوا: حم، لا ينصرون". وهذ إسناد صحيح.

واختار أَبو عبيد (١١) أن يُروَى: "فقولوا: حم، لا ينصروا" أي: إن قلتم ذلك لا ينصروا. جعله جزاء لقوله: "فقولوا" [٤].

وقوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ أي: تنزيل هذا الكتاب - وهو القرآن - من الله ذي العزة والعلم، فلا يرام جنابه، ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجَابه.

وقوله: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ أي: يغفر ما سلف من الذنب، ويقبل التوبة في المستقبل لمن تاب إليه وخَضَع لديه.

وقوله: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ أي: لمن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا، وعتا عن [٥] أوامر الله، وبغى. وهذه كقوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ يقرن هذين الوصفين كثيرًا في مواضع متعددة من القرآن، ليبقى العبد بين الرجاء


= السنة" (٤/ ١١٩٨) من طريق عبد الرحمن بن أَبي بكر به. وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، وقد تكلَّم بعض أهل الحلم في عبد الرحمن بن أبي بكر ابن أبي مُليكة المليكى من قبل حفظه … فضعفه ابن معين، وقال أَبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أحمد: منكر الحديث، وقال ابن عدي: "لا يتابع في حديثه، وهو في جملة من يكتب حديثه".
(١٠) - رواه أحمد (٤/ ٦٥)، (٥/ ٣٧٧)، وأَبو داود (٢٥٩٧)، والترمذي (٢٦٨٢) وأَبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" (ص ٢٥٤) وابن الجارود في "المنتقى" (١٠٦٣) والحاكم (٢/ ١٠٧) من طريق سفيان الثوري له. ورواه النسائي في "الكبرى" (٦/ ١٠٤٥٣) من طريق شريك بن عبد الله، والنسائي أيضًا والحاكم من طريق زهير بن معاوية كلاهما (شريك وزهير) عن أَبي إسحاق به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!! ولم يرويا للمهلب بن أبي صفرة وهو ثقة، ومن دونه ثقات، والثورى من أثبت الناس في أَبي إسحاق، فالإسناد صحيح كما قال المصنف، وقد رواه أحمد (٤/ ٢٨٩) وغيره من طريق الأجلح الكندى، عن أبي إسحاق، عن البراء به، بلفظ: "إنكم ستلقون العدو غدًا، وإن شعاركم حم لا ينصرون" وأعله النسائي بالأجلح فقال: "الأجلح ليس بالقوي، وكان مسرفًا في التشيع" وتابعه شيبان عند النسائي أيضًا (٦/ ١٠٤٥١) لكن فيه عنعنة الوليد بن مسلم، وسوء حفظ هشام بن عمار. فالمعزل على الإسناد الأول، والله الموفق.
(١١) - فضائل القرآن (ص ٢٥٤).