للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد بن حميد: حدَّثنا الحسن بن موسى، حدَّثنا ابن لهيعة، حدَّثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله قال: "إن ما بين مصراعين في الجنَّة مسيرة أربعين سنة".

وقوله: ﴿وَقَال لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيكُمْ طِبْتُمْ﴾ أي: طابت أعمالكم وأقوالكم، وطاب سعيكم فطاب جزاؤكم، كما أمر رسول الله أن يُنادى بين المسلمين في بعض الغزوات: "إن الجنَّة لا يدخلها إلَّا نفس مسلمة". وفي رواية "مؤمنة".

وقوله: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ أي: ماكثين فيها أبدًا لا يبغون عنها حولا.

﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ أي: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنَّة ذلك الثواب الرافر، والعطاء العظيم، والنعيم المقيم، والملك الكبير، يقولون عند ذلك: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام، كما دعَوا في الدنيا: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾، ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [١]، ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.

وقولهم: ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾، قال أَبو العالية، وأبو صالح، وقَتَادة، والسدي، وابن زيد: أي أرض الجنَّة.

وهذه الآية كقوله: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾. ولهذا قالوا: ﴿نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ نَشَاءُ﴾ أي: أين شئنا حللنا، فنعم الأجر أجرُنا على عملنا!

وفي الصحيحين (٦٥) من حديث الزُّهْريّ، عن أَنس في قصة المعراج، قال النبي : "أدخلت الجنَّة فإذا فيها جَنَابذُ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك".

وقال عبد بن حميد (٦٦): حدَّثنا روح بن عبادة، حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، حدَّثنا الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن رسول الله سأل ابن صائد عن تربة الجنَّة؟ فقال: دَرْمَكَةٌ بيضاءُ مِسْكٌ خَالِص. فقال رسول الله : "صدق".


(٦٥) - ورد ذلك من طرق عن جمع من الصحابة منها حديث أبي بكر عند أحمد فِي المسند (١/ ٣)، وحديث بشر بن سحيم عند أحمد (٣/ ٤١٥) والنسائي (٨/ ١٠٤)، وابن ماجة (١٧٢٠).
(٦٦) - تقدم في تفسير سورة الإسراء.