للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: ما سمعت رسول الله دعا إلا استفتحه: "سبحان الله [١]، ربي الأعلى العليّ الوهاب".

وقد قال أبو عبيد: حدثنا علي بن ثابت، عن جعفر بن بَرْقان، عن صالح بن مسمار قال: لما مات نبي الله داود أوحى الله إلي ابنه سليمان : "أن سلني حاجتك. قال: أسألك أن تجعل لي قلبًا يخشاك، كما كان قلب أبي، وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي. فقال الله: أرسلت إلي عبدي وسألته [٢] حاجته فكانت أن أجعل قلبه يخشاني وأن أجعل قلبه يحبني، لأهَبنّ له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده. قال الله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيثُ أَصَابَ﴾ والتي بعدها، قال: فأعطاه ما أعطاه، وفي الآخرة لا حساب عليه".

كذا أورده أبو القاسم بن عساكر في ترجمة سليمان في تاريخه.

وروي عن بعض السلف أنه قال: بلغني عن داود أنه قال: "إلهي، كن لسيمان كما كنت لي. فأوحى الله إليه أن قل لسليمان أن يكون لي كما كنتَ لي أكون له كما كنتُ لك".

وقوله: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيثُ أَصَابَ﴾ قال الحسن البصري : لما عقر سليمان الخيل غضبًا لله ﷿ عوضه الله ما هو خير منها وأسرع، الريح التي [٣] غدوها شهر ورواحها شهر.

وقوله: ﴿حَيثُ أَصَابَ﴾ أي: حيث أراد من البلاد.

وقوله: ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾ أي: منهم من هو مستعمل في الأبنية الهائلة من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات، إلي غير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يقدر عليها البشر، وطائفة غواصون في البحار يستخرجون مما فيها من اللآلئ والجواهر والأشياء النفيسة التي لا توجد إلا فيها، ﴿وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ أي: موثقون [٤] في الأغلال والأكبال، ممن قد تَمَرّد وعصى وامتنع من العمل وأبى، أو قد أساء في صنيعه واعتدى.

وقوله: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ﴾ أي: هذا الذي أعطيناك من الملك التام والسلطان الكامل كما سألتنا، فأعط من شئت واحرم من شئت، لا حساب عليك، أي: مهما فعلت فهو جائز لك، احكم بما شئت فهو صواب.

وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله لما خُير بين أن يكون عبدًا


[١]- سقط من: خ.
[٢]- في ز: "أسأله".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في خ: "موثوقون".