للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و [١] قال قتادة: جعلوا هجمونه بالحجارة، وهو يقول: "اللهم، اهد قومي، فإنهم لا يعلمون". فلم يزالوا به حتى أقعصوه (*) وهو يقول كذلك. فقتلوه .

﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَال يَاليتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كَانَتْ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩)

قال محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن ابن مسعود: إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبَه (**) من دبره. وقال الله له: ﴿ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾، فدخلها فهو ورزق منها، قد أذهب الله عنه سُقْم الدنيا وحُزنها ونَصَبها.

وقال مجاهد: قيل لحبيب النجار: ادخل الجنة. وذلك أنه قتل فوجبت له، فلما رأى الثواب ﴿قَال يَاليتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ﴾.

قال قتادة: لا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، لا تلقاه غاشًّا، لما عاين [ما عاين] [٢] من كرامة الله ﴿قَال يَاليتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾، تمنى على [٣] الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله، وما هجم عليه.

و [٤] قال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: ﴿يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾، وبعد مماته في قوله: ﴿قَال يَاليتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾. رواه ابن أبي حاتم.

وقال سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز: ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾، بإيماني بربي، وتصديقي المرسلين.

ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حَصَل من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم؛ لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله ورضي عنه، فلقد كان حريصًا على هداية قومه.

قال [٥] ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله، حدثنا ابن [٦] جابر-[وهو] [٧]

محمد -عن عبد الملك -يعني: ابن عمير -قال: قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي صلى الله


(*) أقعصه: أماته مكتنه.
(**) قصبه: أمعاؤه.