للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ﴿بَلْ هُوَ اللَّهُ﴾، أي: الواحد الأحد الذي لا شريك له العزيز الحكيم، أي: ذو العزة التي قد قهر بها كل شيء، وَغَلَبت كل شيء، الحكيم في أفعاله وأقواله، وشرعه وقدره، تعالى وتقدس.

﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠) وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَينَ يَدَيهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١)

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، أي: إلا إلى جميع الخلق من المكلفين، كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جَمِيعًا﴾، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالمِينَ نَذِيرًا﴾، ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾، أي: [تبشر من] [١] أطاعك بالجنة، وتنذر من عصاك بالنار.

﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾.

قال محمد بن كعب في قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، يعني إلى الناس عامة.

وقال قتادة في هذه الآية: أرسل الله محمدًا إلى العرب والعجم، فأكرمُهم على الله أطوعهم لله ﷿.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الطهراني، حدثنا حفص بن [٢] عمر العدني، حدثنا الحكم -يعني ابن أبان- عن عكرمة؛ قال: سمعت ابن عباس، يقول: إن الله فضل محمدًا على أهل السماء وعلى الأنبياء. قالوا: يا بن عباس؛ فيم فضله الله على الأنبياء؟ قال: إن الله قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾، وقال للنبي : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، فأرسله الله إلى الجن والإنس.

وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين (٢٧) رَفعهُ عن جابر؛ قال: قال رسول الله


(٢٧) صحيح البخاري، كتاب التيمم حديث (٣٣٥)، وصحيح مسلم، كتاب المساجد، ومواضع الصلاة حديث (٥٢١).