للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن خُثَيم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سُود يلبسنها.

و [١] قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس يزيد قال: وسألناه -يعني الزهري-: هل علي الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهي عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات، وقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾.

وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة، إنما ينهي عن ذلك لخوف الفتنة لا لحرمتهن. واستدل بقوله تعالى: ﴿ونساء المؤمنين﴾.

وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَينَ﴾، أي: إذا فعلن ذلك عُرفْن أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر.

قال السدي في قوله تعالى: ﴿قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَينَ﴾، قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضَيِّقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة، كفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة. فوثبوا إليها.

وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة.

وقوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، أي: لا سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك.

ثم قال تعالى متوعدًا للمنافقين، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر: ﴿والذين في قلوبهم مرض﴾ - قال عكرمة وغيره: هم الزناة هاهنا. ﴿والمرجفون في المدينة﴾، يعني: الذين يقولون: "جاء الأعداء"، "وجاءت الحروب". وهو كذب وافتراء -لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق ﴿لنغْرينك بهم﴾، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي لنسلطَّك عليهم.


[١]- سقط من: ز، خ.