للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوتي (٣).

وقد ورد أثر غريب عن قتادة رواه ابن أبي حاتم (٤) فقال: حدثنا أبي، حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة قال: خَيّر الله لقمان الحكيم بين النبوة والحكمة، فاختار الحكمة على النبوة. قال: فأتاه جبريل وهو نائم فَذَرّ عليه الحكمة -أو: رش عليه الحكمة-: فأصبح ينطق بها.

قال سعيد: فسمعت عن قتادة يقول: قيل للقمان: كيف اخترت الحكمة على النبوة وقد خَيَّرك ربك؟ فقال: إنه لو أرسل إلي بالنبوة عَزْمَةً لرجوت فيه الفوز منه، ولكنت أرجو أن أقوم بها، ولكنه خَيّرني فخفت أن أضعف عن النبوة، فكانت الحكمة أحب إلي. فهذا من رواية سعيد بن بشير وفيه ضعف، وقد تكلموا فيه بسببه، فالله أعلم.

والذي رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَينَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾، أي: الفقه في الإِسلام، ولم يكن نبيًّا، ولم يوح إليه.

وقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَينَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ أي: الفهم والعلم والتعبير، ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾، أي: أمرناه أن يشكر الله ﷿ على ما آتاه الله ومنحه ووهبه من الفضل؛ الذي خَصَّه به عمن سواه من أبناء جنسه وأهل زمانه.

ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾، أي: إنما يعود نفع ذلك وثوابه على الشاكرين، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ﴾ وقوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾، أي: غني عن العباد، لا يتضرر بذلك، ولو كفر أهل الأرض كلهم جميعًا فإنه الغني عما سواه، فلا إله إلا الله، ولا نعبد [١] إلا إياه.

﴿وَإِذْ قَال لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ


(٣) - إسناده ضعيف، الأشعث هو ابن سوار قال الحافظ: "ضعيف" وهو من بلاغات ابن عباس، ولا نعلم من أخبر ابن عباس بذلك! وقد رواه جماعة عن لقمان بهذا الوصف أو قريبٌ منه كما سيسوقه المصنف. وهذا يشبه أن يكون قد أخذوه من مصدر واحدٍ، ولكن لا نستطيع أن نجزم أنهم أخذوه عن رسول الله ، مع إمكانية ذلك وجوازه، لأنه من الممكن أن يكونوا قد حملوه عن أهل الكتاب وقد أمروا أن يحدثوا عنهم، ولا حرج عليهم في ذلك، والله أعلم والخبر أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره.
(٤) - إسناده ضعيف، سعيد بن بشير ضعفه غير واحد، وحاصل الكلام فيه أنه ضعيف لا يقبل خبره إذا انفرد، وقد خالفه سعيد بن أبي عروبة - وهو من أثبت الناس في قتادة - عن قتادة في قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَينَا لُقْمَانَ … ﴾ الآية أي الفقه في الإسلام، ولم يكن نبيًّا ولم يوح إليه وسيذكره المصنف بعده.