للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلسلة على صَفْوان، حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ [قالوا للذي] [١] قال: الحق وهو العليّ الكبير. فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض، ووصف سفيان بيده فَحَرَفها، وبَدّد بين أصابعه - فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخرُ إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر -أو: الكاهن- فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة. فيقال: أليس قد [٢] قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيُصدّق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء". انفرد به البخاري.

وروى مسلم من حديث الزهري، عن عليّ بن الحسين، عن ابن عباس، عن رجال من الأنصار قريبًا من هذا، وسيأتي عند قوله تعالى في سبأ: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ الآية.

وقال البخاري (٣١): وقال الليث: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، أن أبا الأسود أخبره، عن عروة، عن عائشة، عن النبي أنه قال: "إن الملائكة تحدث في العنان -والعنان: الغَمَام- بالأمر يكون [٣] في الأرض، فتسمع الشياطين الكلمة، فَتَقَرّها في أذُن الكاهن كما تُقرّ القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة".

وروى [٤] البخاري في موضع آخر من كتاب "بدء الخلق" عن سعيد بن أبي مريم، عن الليث، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، بنحوه (٣٢).

وقوله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني الكفار يتبعهم ضلال الإنس والجن. وكذا قال مجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما.

وقال عكرمة: كان الشاعران يتهاجيان فينتصر لهذا فِئام من الناس، ولهذا فِئام من الناس، فأنزل الله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾.

[وقال] [٥] الإمام أحمد (٣٣): حدثنا قتيبة، حدثنا ليث، عن ابن الهاد، عن يُحنَّس -


(٣١) صحيح البخاري حديث (٣٢٨٨) وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي حاتم الرازي عن أبي صالح كاتب الليث عنه، كما في الفتح (٦/ ٤٣٢).
(٣٢) صحيح البخاري رقم (٢٢١٠).
(٣٣) المسند (٣/ ٨).