ولهذا قال: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾.
وفي الحديث الصحيح (١٢): ﴿يؤتى بالكافر فيغمس في النار غمسة، ثم يقال له: هل رأيت خيرًا قط؟ هل رأيت نعيمًا قط؟ فيقول: لا [والله يارب][٣]. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا -كان في الدنيا- فيصبغ في الجنة صبغة، لم يقال له: هل رأيت بؤسًا قط؟ فيقول: لا [والله يا رب][٤]، " أي: ما كأن شيئًا [٥] كان؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب ﵁ يتمثل بهذا البيت:
كأنك لَم تُوتِرْ مِنَ الدهر ليلةً … إذا أنت أدركتَ الذي كنتَ تطلب
ثم قال تعالى مخبرًا عن عدله في خلقه: إنه ما أهلك أمة من الأمم إلا بعد الإِعذار إليهم والإنذار لهم وبعثة الرسل إليهم [٦] وقيام الحجج عليهم. ولهذا قال: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾.
(١٢) رواه مسلم حديث ٥٥ - (٢٨٠٧). والنسائي (٦/ ٣٦). وأحمد في مسنده (٣/ ٢٠٣) (١٣١٣٥) من حديث أنس بن مالك، ﵁.