العباد؟ ". قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا". قال: ثم سار ساعة ثم قال: "يا معاذ بن جبل". قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: "فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ ". قال: قلت الله ورسوله أعلم. قال: "فإن حق العباد على الله أن لا يعذبهم".
أخرجاه في الصحيحين، من حديث قتادة (١٨٩).
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ [١] كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ أي: فمن خرج عن طاعتي بعد ذلك فقد فسق [٢] عن أمر ربه وكفي بذلك ذنبًا عظيمًا، فالصحابة ﵃ لما كانوا أقوم الناس بعد النبي ﷺ بأوامر الله ﷿ وأطوعهم لله كان نصرهم بحسبهم أظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب، وأيدهم الله تأييدًا عظيمًا، وتحكموا في سائر العباد والبلاد؛ ولما قصر الناس بعدهم في بعض الأوامر نقص ظهورهم بحسبهم، ولكن قد ثبت في الصحيحين من غير وجه عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى يوم القيامة" وفي رواية- "حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"- وفي رواية- "حتى يقاتلون الدجال" - وفي رواية- "حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون". وكل هذه الروايات صحيحة ولا تعارض بينها.
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بإقام الصلاة، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة وهي الإحسان إلى المخلوقين ضعفائهم وفقرائهم، وأن يكونوا في ذلك مطيعين [للرسول][٣]ﷺ أي: سالكين وراءه فيما به [٤] أمرهم، وتاركين [٥] ما عنه زجرهم، لعل الله يرحمهم بذلك، ولا شك أن من فعل هذا أن الله سيرحمه كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ أي: [لا تظن][٦] يا محمد أن [٧] ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
(١٨٩) المسند (٥/ ٢٤٢)، وصحيح البخاري حديث (٥٩٦٧)، وصحيح مسلم حديث (٣٠).