للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾، يعني: هذا كائن لا محالة، يوم يعيد الله الخلائق خلقًا جديدًا، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم، وذلك واجب الوقوع، لأنه من جملة وعبد الله الذي لا يخلف ولا يبدل، وهو القادر على ذلك، ولهذا قال: ﴿إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾.

قال الإمام أحمد (٦٣): حدثنا وكيع وابن جعفر [وعفان] [١]- المعنى -[قالوا:] [٢] حدثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله بموعظة فقال: "إنكم محشورون إلى الله ﷿ حفاة [عراة] [٣] غُرْلًا ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾. وذكر تمام الحديث.

أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة، ورواه البخاري عند هذه الآية في كتابه. وقد روى ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عائشة، عن رسول الله ، نحو ذلك.

وقال العَوفي عن ابن عباس في قوله: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ قال: نهلك كل شيء كما كان أول مرة.

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ (١٠٧)

يقول تعالى مخبرًا عما حتمه وقضاه لعباده الصالحين، من السعادة في الدنيا والآخرة، ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. [وقال] [٤]: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ وقال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾. الآية.


(٦٣) المسند (١/ ٢٣٥)، وصحيح البخاري برقم (٤٦٢٥)، (٤٧٤٠)، وصحيح مسلم برقم (٢٨٦٠).